المشاركات

عرض المشاركات من 2019

حفلة وداع

صورة
Saatchi Art Moral Painting By Seba Art Gallery - Moral Painting رأيته يحمل القمر والشمس في كفه، يقلبهما، يبرد الشمس بالقمر ويحرق القمر بالشمس. وحوله يرفرف ديك بقدمٍ واحدة، يقفز في دوائر، وذيله يشتعل نارًا، والشرر يتطاير في كل مكان، وهو يضحك ويبصق عليه. وخلفه النجوم مصطفات في صفوف متقابلة، يلعبون الخطوة الجنوبية، وقرود الرباح تطبل لهم على قدور الأرز الفارغة. كان رأسه يدور، مثل كرة أرضية، كان شماله يقطر وجنوبه يتبخر. وكانت عيناه بئران جافتان، عشعش الولع بين نطفها. كان يستقبل الضيوف على مقاعد من إبر، وكانت الإبر تجمع الدم في بطون الماعز، وترضع الحيات الحليب الأحمر، ثم تضع البيض العفن الذي يأكله الضيوف في موعد العشاء. كنا خمسين ألف، وكان خمسين خمسين ألف. كنا سود، وكان أزرق، مثل محيط. كنا مرضى، وكان قريبًا من الموت، وعَدَنا أنه سيموت، لكنه لم يكن صديق الموت المقرّب، ولم يكن الموت يحتاج واسطته. كانت المرايا تخدمنا، ولم تكن أشكالها تعجبنا، رغم أنها كانت طوال نحاف. ثم حضرت الجبال متأخرة، وانتثر صغارها في المكان، كسروا كل البيض، وحلبوا كل الماعز، واختبأت بينهم الحيات. ثم أعلن موعد

بكيني الأخلاقيات النسبية

صورة
في الحلقة الأخيرة من الموسم الأول من برنامج Hello counselor [1] الكوري، وصلتهم رسالة من امرأة في الثلاثين متزوجة منذ 7 سنوات ولها بنتين، قبل زواجها كانت تعمل مدربة صحية وشاركت في عدد من مسابقات بناء الأجسام، ولكن بعد الزواج والإنجاب توقفت عن عملها، ومنذ سنتين عادت للاهتمام بلياقتها والتردد على النادي الرياضي، والآن تريد العودة للمشاركة في مسابقات بناء الأجسام في فئة البكيني. تتلخص مشكلتها في رفض زوجها مشاركتها في مسابقات بناء الأجسام، وتهديده بطردها من البيت إذا شاركت في أي منها، ولأنه لم يصارحها حقيقة بسبب رفضه -مع أنه لا يمانع ذهابها للنادي الرياضي- ولا يسمح لها بفتح الموضوع أو الحديث عنه، أرسلت مشكلتها للبرنامج أملًا بأن يقتنع بمناقشة الموضوع معها والإفصاح عن سبب رفضه وعناده. بعد عدة محاولات من المذيعين لاكتشاف السبب الحقيقي وراء رفضه لمشاركة زوجته في هذه المسابقات، اعترف بأنه لا يحب أن تظهر بالبكيني على المسرح وتستعرض جسدها على مرأى من الجميع. في مجتمع علماني مثل كوريا، خضع لتغيرات سريعة في المبادئ والأخلاق، بدى سببه لغالبية الحضور غير مقنع ولا يمكن تفهمه، لا سيما وأن

كنا نباتات

صورة
لقد كنا نباتات تطفو على سطح الماء، حتى قيل لنا أن هناك حاجة ملحة لأن نصبح بشرًا. قاومنا في البداية لكننا أخيرًا صرنا بشرًا. وقد كان الأمر مقرفًا، خاصة هذه الأيام. سمعت أن البشر الأوائل لم يكونوا بهذا السوء لكن الزمن طال على البقية وزاد معه جشعهم وحبهم للقتل والرذيلة. ليس بوسعنا فعل أي شيء حيال هذا، فمازلنا نتصرف أحيانًا مثل النباتات. كما تعلم الطبيعة لا تموت في الأصل بسهولة، إنها فقط تختبأ عميقًا بداخله. وهناك تزداد حدة حتى تخترقه وتخرج أخيرًا. سمعت إشاعة بأن الحاجة لنا انتهت لكني أشك في مصداقيتها فمازال يطلب منا أن نتصرف كبشر. ولا أدري حقًا من بالضبط على هذه الأرض يحق له أن يحدد كيف يفترض بالبشر أن يتصرفوا. لكني لا حظت أن الأقوى والأغنى هم من يحددون كيف يتصرف البشر، وغالبًا لا تبدو لي تصرفاتهم منطقية أو حتى بشرية لكن من أنا  لأحدد ما هو البشري حقًا. كل ما أعرفه أن حياتي عندما كنت نبتة كانت أسهل بكثير. كل ما عليك فعله هو العيش مثل بقية النباتات على سطح الماء. لا شيء خاص تقدمه لهم ولا توقعات منهم.  لكن البشر مختلفون يتوقعون من الجميع أن يقدم لهم شيء، وأسوء من ذلك أنهم يتوقعون م

صناعة الارهاب: احذروا الارهابي الصغير!

صورة
Save the children by Ms. Wade , from  Ghostly Hollows series. في شهر يونيو الماضي قرأت خبرًا صادمًا عن قرار حكومة رئيسة الوزراء البنغلاديشية الشيخة حسينة، بحرمان أطفال الروهنغيا اللاجئين في بنجلاديش من الانخراط في المدارس المحلية، واستهل  المقال  الخبر بالتالي:   "قد يصبح نصف مليون طفل في مخيمات اللاجئين الروهينغا محرومون من الانتساب إلى النظام المدرسي التقليدي، «جيلا ضائعا»، في حين يُقلق تفشي شبكة من المدارس الدينية المراقبين."   ولحل هذه الأزمة الفادحة فتحت منظمات من الروهنغيا مع منظمات إسلامية من بنغلاديش مدارس دينية لتعليم القرآن في مخيمات اللاجئين الروهنغيا، ولكن هذه المدارس بنظر البعض ما هي إلا مصانع للإرهاب يجب مراقبتها وفقًا لمبشر حسن الخبير في شؤون التطرف في جامعة أوسلو، ولمجموعة الأزمات الدولية، إذ يرون أن هذه المدارس، رغم عدم وجود دليل، حاضنات مؤهلة لخلق جيلٍ متطرف.   نحن نشهد تطهيرًا عرقيًا وتمييزًا عنصريًا وإرهابًا مستمرًا يمارس على أقلية الروهنغيا المسلمة في بورما باسم الدين وتحت مضلة سياسية لا تزيدها التحالفات مع دول الجوار إلا قوةً، مما

هي أشياء لا تشترى

صورة
انفجر تويتر أخيرًا بنداءات التطبيع مع إسرائيل والتبرؤ من فلسطين وأهلها، والسبب حرب السباب والشتام الدائرة منذ سنين بين المغيبين من الفلسطينيين والسعوديين. لا يهم حقًا أي طرف بدأ هذه الحرب الوضيعة، فالعقلاء يعرفون جيدًا الوحيد الذي له مصلحة منها، الوحيد الذي سيبتلع الأرض والثروات ويبني المزيد من المستعمرات في هناء بينما العالم غارق في سب الحكومات والشعوب وتخوينها وتبادل الاتهامات لإخراس الضمائر المتهدلة على الصدور الخالية من المروءة. حجة المنادين بالتطبيع الوحيدة هي مصلحة المنطقة وازدهارها وتحقيق السلام لها، ولا يمكنني إلا أن أتساءل كيف لسارق ومغتصب لا تكف يداه عن الانغماس في الدماء وإذكاء الحروب، أن يحقق لمنطقة يزعزها منذ احتل ما احتل منها أي من هذا؟! هل ستغدق إسرائيل على الحكومات والشعوب العربية الفقيرة بالمال لتحقق ازدهارًا للمنطقة، إذًا فالفلسطينيون الذين هدمت بيوتهم وشردتهم وهجرتهم إلى أصقاع الأرض أولى بهذا المال الذي خرج مباشرة من أرضهم. أم ستتدخل وتوقف الحرب في سوريا بأن تقنع حليفتها إيران، التي لا تكف عن الادعاء بأنها عدوتها اللدودة، بأن تسحب مليشياتها وضباطها وعساك

قفاز أسود: أنا لست حَجّة!

صورة
اسمي منيرة مواليد 1992 ولست متزوجة، تخرجت في كلية اللغات والترجمة: تخصص اللغة الإنجليزية، بتقدير ممتاز، وأحمل شهادة ماجستير في الترجمة بتقدير ممتاز، ولغتي الإنجليزية ممتازة وليست مجرد درجات على ورق. كاتبة ولي رواية تحمل عنوان "بغلة القبور" ومترجمة مستقلة*. عندما أخرج من البيت أبدو هكذا: عباءة سوداء مستطيلة أقرب ما تكون للمربع لأنني قصيرة القامة، أكمامها واسعة إلا عند الرسغين فهي ضيقة لا تظهر منها ذراعاي ولا ملابسي، ولا يوجد بها أي لون غير الأسود، ولا أي نقش أو تطريز، وأرتدي نقاب أطول من النقابات الموجودة الآن في الأسواق، بطبقة فوق العينين، فلا يظهر منهما إلا شيء بسيط على قدر الحاجة، وأرتدي القفازات السوداء والشرابات الملونة -وإن كانت لا تظهر من تحت عباءتي الطويلة وأحذيتي المغلقة. أحب أن أحمل كروس بودي باق صغيرة بلون أحمر تكفي لحمل محفظتي وهاتفي الجوال. وفي الصيدلية يناديني الصيدلي الطويل: يا حجة، وفي السوبر ماركت تناديني العاملة في منتصف العمر: يا أمي، وفي محل ملابس الأطفال الذي دخلته فقط لأستفسر عن التخفيضات لأن أمي تريد شراء ملابس لحفيدتها؛ يناديني البائع ا

الآلهة كوماري وبحثنا عن الكمال

صورة
 * شاهدت مرة فيلم وثائقيًا عن عبادة الفتيات في النيبال، حيث يؤمن جزء من الهندوس والبوذيين هناك أن آلهة تتجسد في جسد طفلة صغيرة بمواصفات معينة، ومن ثم تُختار هذه الفتاة لتكون الآلهة كوماري، فتُعبد وتُبجل وتُقدم لها القرابين، وتعيش في معبد مخصص للكوماري حيث يجب أن لا تطأ أقدامها الأرض مطلقًا، ولا تخرج إلا نادرًا، محمولةً للاحتفالات والمناسبات الدينية، ويجب أن لا تُجرح ولا تنزف مطلقًا، فإذا حدث ونزفت فإن الآلهة تخرج من جسدها وتعود شخصًا طبيعيًا، وهكذا فحالما تحيض الفتاة الكوماري حيضتها الأولى تنتهي حياتها المقدسة، وتصبح من عامة الناس، وتحل فتاة أخرى محلها لتصبح آلهة بدورها. الجروح والنزيف وحتي الحيض يحول فتاة من آلهة إلى مجرد بشرية، هذا البحث عن الكمال الزائف ضلل الناس ليجعلهم ينصبون فتاة آلهة ويعبدونها، وفي اللحظة التي تظهر فيها بشريتها يعيدونها لعالمهم المتناقض المفتقر دائمًا وأبدًا للكمال. هذا التطلع للكمال طبيعة بشرية يقود بطريقة أو بأخرى لنتيجة بديهية وهي عبادة الكمال، فكل ناقص يبحث عما يكمله ويتوق ليبجل كماله ويحتفي به، غير أن الشيطان بارع للغاية في تضليل الناس وإعما