صناعة الارهاب: احذروا الارهابي الصغير!


Save the children by Ms. Wade, from Ghostly Hollows series.


في شهر يونيو الماضي قرأت خبرًا صادمًا عن قرار حكومة رئيسة الوزراء البنغلاديشية الشيخة حسينة، بحرمان أطفال الروهنغيا اللاجئين في بنجلاديش من الانخراط في المدارس المحلية، واستهل المقال الخبر بالتالي:

 

"قد يصبح نصف مليون طفل في مخيمات اللاجئين الروهينغا محرومون من الانتساب إلى النظام المدرسي التقليدي، «جيلا ضائعا»، في حين يُقلق تفشي شبكة من المدارس الدينية المراقبين."

 

ولحل هذه الأزمة الفادحة فتحت منظمات من الروهنغيا مع منظمات إسلامية من بنغلاديش مدارس دينية لتعليم القرآن في مخيمات اللاجئين الروهنغيا، ولكن هذه المدارس بنظر البعض ما هي إلا مصانع للإرهاب يجب مراقبتها وفقًا لمبشر حسن الخبير في شؤون التطرف في جامعة أوسلو، ولمجموعة الأزمات الدولية، إذ يرون أن هذه المدارس، رغم عدم وجود دليل، حاضنات مؤهلة لخلق جيلٍ متطرف.

 

نحن نشهد تطهيرًا عرقيًا وتمييزًا عنصريًا وإرهابًا مستمرًا يمارس على أقلية الروهنغيا المسلمة في بورما باسم الدين وتحت مضلة سياسية لا تزيدها التحالفات مع دول الجوار إلا قوةً، مما دفع بالمسلمين قصرًا إلى الهجرة إلى دولٍ فقيرة غالبًا، غير مُرَحِبة أحيانًا ولا قادرة على دعمهم سياسيًا ولا ماديًا، وفي المقابل نجد أنظار العالم تُغض عن الهمجية والوحشية الممارسة عليهم فيما تتوجس منهم لأنهم ببساطة مسلمين، وتتوقع منهم عبر دفعهم إلى الجهل والفقر والتخلف بأن يصبحوا إرهابيين، لأن الإرهاب -الصناعة العالمية بامتياز- مقصور بجهود إعلامية مذهلة على المسلمين.

 

إذا لم تجد سببًا كافيًا لقتلهم فاخلق الأسباب. هذا ما يحدث على أرض الواقع في نظري، فعندما فشل التطهير العرقي الذي تمارسه حكومة بورما على المسلمين الروهنغيا في إبادتهم تمامًا، جاء الوقت لإعطاء العالم سببًا لإكمال المهمة، وأي سبب أفضل من إظهار الفزاعة المحببة للحكومات: الإرهاب والتطرف. سببان ينجحان دائمًا في إقناع العالم بضرورة ومنطقية شن الحروب على المسلمين، نجح في العراق بامتياز، وأعطى نتائج مذهلة عندما دمر البلاد تمامًا وسرق خيراتها وهجر أهلها وقتل روح شبابها، وأعطى اليد العليا لمتطرفين حقيقيين متعطشين لدماء الطوائف الأخرى، وأقصد هنا ما يحصل للسنة من قتل وتعذيب بتهم متعددة من ضمنها الإرهاب والانتماء لداعش، وما يحصل لجميع الطوائف من التفجيرات المستمرة التي تودي بحياة الناس بشكل متكرر فيما تزيد الهوة بين السنة (الارهابيين في نظر العالم بمعية داعش) والشيعة أهداف الإرهابيين المفترضة.

 

والآن بعد هزائم داعش المتواصلة واحتجاز نسائهم وعوائلهم في مخيمات، صار العالم الغربي يحذر ويقدم الدراسات بشأن أطفال مقاتلي داعش ومصيرهم المحتمل في التوجه للإرهاب والتطرف، ومرة أخرى لا بد من مراقبتهم والتصرف في شأنهم، ويا ترى ماذا يعني ذلك؟ أيمكن أن يعني هذا فصلهم عن أمهاتهم، ومنعهم من ممارسة شعائر دينهم، ومسخ هويتهم الإسلامية، كما تفعل الحكومة الصينية بالأقليات المسلمة من قمع وظلم برضى مخيف من حكومات العالم، فمن يدري كم حكومة تنوي انتهاج نهج الصين وبورما مع الأقليات المسلمة وتنتظر فرصتها، أو ربما هي بالفعل تنتهز فرصتها الآن وتتمتع بالتعتيم الإعلامي المُتَمرِّس في هذا المجال.

 

قبل سنين قرأت مقالًا عن طيارات أوباما الموجهة دون طيار، وكيف كانت تستهدف أُسرًا معينة في اليمن بتهمة الانضمام للقاعدة، وفي واحدة من مهماتها الجائرة عام 2011 استهدفت أبًا وقتلته مع ابنه المراهق، ثم في 2015 عادت لتستهدف ابنه محمد تويمان (13 عامًا) بحجة أنه التحق بالقاعدة مثل والده، محمد الذي أجرت معه جريدة the Guardian حوارًا قبل مقتله بشهر تقريبًا كان يصف لهم خوفه الشديد وعائلته من الطائرات الموجهة بدون طيار والتي تحلق فوقهم أسبوعيًا، وكيف تصيب الأطفال كل ليلة بالكوابيس حتى أثّر ذلك على صحتهم النفسية، وبعد أن قُتل محمد ظلمًا زارت القاعدة عائلته وعرضت عليهم المساعدة لكنهم رفضوا عرضهم والتعاطي معهم على أمل أن يرفعوا بالقضية للمحكمة ويستردوا حق محمد ويثبتوا براءته. 


وفي عام 2011 قتلت الطائرات أيمن العولقي الذي تعتقد الحكومة الأمريكية بأنه قيادي في القاعدة يخطط لهجمات في المنطقة، وبعدها بأسبوعين قتلت ولده عبدالرحمن العولقي (16 عامًا) الذي يحمل الجنسية الأمريكية، ثم ظهر روبرت جيبس السكرتير الصحفي للبيت الأبيض في حكومة باراك أوباما على هامش حملة أوباما الانتخابية آن ذاك مدافعًا عن قائمة القتل الأمريكية والتي على أساسها تُرسل الطائرات على المدنيين الأبرياء ليس فقط في اليمن بل في أفغانستان والصومال وغيرها، وتستهدف الناس دون محاكمات عادلة أو أدلة قطعية أو حتى اكتراث للضحايا الذين سيقتلون في كل هجمة، وعندما سُئل عن قتل عبدالرحمن بدون دليل أو محاكمة  قال: "أقترح بأن تحصل على أبٍ على قدر أكبر من المسؤولية"، وفي 2017 قتلت الطائرات نوار أخت عبد الرحمن (8 سنوات) من بين 30 شخص من ضمنهم نساء وأطفال. إذا لم يكن هذا صناعة حقيقة للإرهاب، فلا أدري كيف يصنع؟

 

أطفال ضحايا الإرهاب الروهنغيا وفقًا لمبشر حسن " ضعفاء ومعزولون وتملؤهم مشاعر الغضب" لذلك هم عرضة لأن يصبحوا متطرفين في مدارس القرآن بغض النظر عن من جعلهم ضعفاء ومن جعلهم معزولون ولماذا تملؤهم مشاعر الغضب، وأطفال الإرهابيين مثل رجال القاعدة وداعش وفقًا للدراسات الغربية، عرضة لأن يمضوا على خطى أهلهم ويصبحوا إرهابيين، لذلك لا بد من تصفيتهم، وفي حال لم تكن ضحية إرهاب، أو من عائلة رأسها إرهابي فانتظر دورك في مصنع الإرهاب، سيجد أحدهم لك حجة مناسبة لتصبح إرهابي محتمل ومن ثم يقضي عليك.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحنين وأشياء أخرى في رسالة

عن بغلة القبور

الرابط العجيب بين نشر إيران للتشيع، وغسيل إسرائيل الوردي!