المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, ٢٠١٨

الراقد في البئر

صورة
كنا نقضي أيام الصيف غالبًا نلعب في مزارعنا القريبة. كانت تحوطها أشجار الفاكهة الكثة فلم يكن لأحد أن يخمن ماذا نفعل خلفها، لم نكن بالضرورة نمارس أفعال سيئة لكننا لم نكن   نخاف كثيرًا على حيواتنا القصيرة. فكنا نمشي حفاة على الحواف الحجرية للآبار العميقة، ونتسلق أغصان الأشجار النحيلة والتي لم تكن متسامحة كثيرًا معنا، فكانت تسقط صبي كل بضعة مرات، وعلى الأرض كنا نتظاهر بأن الخدوش والكدمات من السقطة لا تعني شيء ولا تستدعي دموعًا. وفي موسم المطر كنا نخوض المستنقعات حتى الركب ونخفي رعبنا من ما يخفيه لنا ماءها الداكن. وعندما نجد حفرًا في الأرض كنا ننبشها حتى يتمكن منا الخوف من أن ينقض علينا شيء من داخلها، فنتوقف متظاهرين بالتعب. وبين حين وآخر نتنمر على بعضنا ونتعارك، وعندما نريد أن ننفس عن غضبنا كنا نرمي أعشاش العصافير بالحجارة، وكانت تسقط دامية أحينًا، فلم تكن كلها خالية. لم نكن نقصد أذيتها لمجرد أذيتها لكننا كنا نستعذب الشعور بالقوة والقدرة. وقد نعود للحظائر فنطارد فراخ الدجاج ونخرج صغار الأرانب من جحورها، ونحاول استحلاب الماعز. لكننا دائمًا نعود للمزارع بعيدًا عن مرأى الكبار، حيث لا

حليب أسود: أكون أماً أو لا أكون!

صورة
قرأت السنة الماضية  حليب أسود  لإليف شفاق. تأخرت كثيراً في اقتناء الكتاب بعد أن صدر أخيراً عن دار مسكيلياني للمترجم أحمد العلي. كنت أقرأ ترجمته للفصول الأولى على مدونته "نهر الإسبرسّو" قبل أن يتوقف عن نشرها على المدونة لأن الفصول صارت معقدة. اعتبر الكتاب أطلس للنساء النسويات، فقد بالغت إليف في ذكرهن وسرد قصصهن حتى نسيت أن الكتاب يطل علينا بعنوان "حليب أسود"، شيء قدمته في البداية على أنه اكتئاب ما بعد الولادة. شيء بشع لكنه يصيب الكثيرات، زميلة عزيزة علي تعاني منه حاليًا. ولأنني عانيت طويلًا من الاكتئاب كنت مهتمة جدًا بمعرفة ما قد ينتظرني إذا أصبحت يومًا أمًا، تمنيت لو أنها تحدثت أكثر عن اكتئابها لكنه جاء متأخرًا في الفصول الأخيرة ولم تشبعه ضربًا بالكلام كما تمنيت بعد أن أُتخمتُ بكل أولئك النسوة. تُعرفنا إليف في الكتاب بنسائها الصغيرات، المثقفة والدرويشة والأم والعملية وغيرهن، وتذكرني بمرحلة من عمري كنت اعتبر رأسي سلطة عليا يديرها ثلاثة نساء، الغاضبة والمتسامحة واللّوامة، لكن شيء ما حدث ولم أعد أشعر بوجودهن المنفصل، أصبحن واحدة. لكن هذا لا يلغي حقيقة

عن بغلة القبور

صورة
  أبدأ أولاً بحمد الله على جزيل عطاياه وتزاحم نعمه علي .   بدأتُ كتابة الرواية في إجازة الربيع سنة 1437 هـ (2016) بعد فصل دراسي شاق في مرحلة الماجستير؛ كنت أبحث عن مسلسل آسيوي يناسب ذوقي لأشاهده، ووجدت مسلسل صيني مأخوذ عن رواية لكني لم أكن أعرف وقتها، قرأت خلاصة القصة وفهمت منها أن القصة تدور حول رجل وزوجته كلاهما قاتلان، شدتني الفكرة كثيراً وبدأت أتخيل علاقتهما وأتصور كيف يتشاركان في القتل ولا أذكر هل فهمت من الخلاصة أنهما يتستران على بعضهما بعد أن وقعا في مشكلة أم أنني تخيلت ذلك، المهم أنني كنت مخطئة. شاهدت أول حلقة واكتشفت ذلك. استغربت الاختلاف بين أحداث المسلسل في الحلقة الأولى والقصة في الخلاصة فعدت لقراءتها ولا أدري حقاً كيف فهمتها خطأً، لكن ربما بغلة القبور كانت تتوق حقاً للخروج للحياة . طاردتني الخيالات التي بنيتها على فهمي الخاطئ لقصة المسلسل، فقد شعرت بالإحباط الشديد عندما أدركت أن القصة مختلفة تماماً، ولم أتمكن من الخلاص من الرغبة الشديدة في مشاهدة شيء يشبه ما تخيلته، ومن هنا ولدت بغلة القبور. كبرت الخيالات أكثر وصارت تهجم علي -مثلما تفعل كل قصة قصيرة كتبتها يوماً-