المشاركات

عرض المشاركات من 2020

لعبة ماكرون وخاتون المفضلة: استفزاز المسلمين.

صورة
  تحدثت في مقالة صناعة الإرهاب: احذروا الإرهابي الصغير! التي كتبتها السنة الماضية عن أسلوب القمع والظلم الذي تنتهجه بعض الحكومات على الأقليات المسلمة فيها، وما يتعرض له المسلمون في بعض الدول من القتل الممنهج، وذلك لتمهيد الطريق لردات فعل يمكن أن تُطلِقَ عليها هذه الحكومات لاحقًا: "إرهابًا" تعزز به ادعاءها بأن المسلمين مجرمون، وتبرر به المزيد من القمع والوحشية في التعامل مع المسلمين. وما فعلته فرنسا مؤخرًا من المساس بجناب الرسول -صلى الله عليه وسلم- الكريم ما هو إلا صنف من هذه المخططات اللعينة، لاستفزاز المسلمين الذين لا يختلفون عن بقية سكان العالم في أن منهم الحكماء والعقلاء، ومنهم العوام والجهلة، والفئة الأخيرة هم الذين تستهدفهم هذه الحملات لأن جهلهم بما لهم وما عليهم، وجهلهم بتبعات أفعالهم مع رغبتهم الصادقة في الانتصار لرسولهم ودينهم الحق تدفع بهم لاتخاذ قرارات خاطئة تترتب عليها مضار فادحة، قد يعود ضررها حتى على مصيرهم الأخروي مثل الاعتداء على المعاهدين، وهذا بالضبط ما تريده الحكومة الفرنسية لتبرر ازدواجيتها المخزية في التعامل مع حريات مواطنيها المسلمين، فهي التي تجرم ال

موسم المطر

صورة
  بعد أن انهار بيت جدي الطيني البارحة لم استطع الخلود إلى النوم، تقلبت طوال الليل في السرير أستمع للرعود تدوي في الخارج، مثل سياط تبرح الغيوم جلدًا، حتى أمطرت، مطرًا خفيفًا متتابعًا، لم يتوقف إلا قبيل الفجر بقليل، بعد أن أعاد ملأ البرك التي ارتوت الأرض منها ولم تنفد، وغسلَ القرية التي لم تجف بعدُ منذ هطل هذا النهار. خرجتُ بعد الشروق أتفقد بيت الطين المنهار، واستقلبتني رائحة الأرض بعد المطر، لم يهطل المطر بهذا الغزارة من قبل، على الأقل في حياتي. لم يكن الجزء المنهار كبيرًا لكن الضرر قد وقع، ولا يمكن إزالته بدون المساس بجمال البيت وأصالته. وأما عالم القرية الصغير فقد تغير كثيرًا، لا شيء يشبه ما اعتدت عليه، كل شيء صار أخضر ومبتل. الحقول أصبحت مثل المستنقعات، معشوشبة ومليئة بالبرك، وفي عز خضرتها كانت الأشجار النامية بعشوائية على أطراف الحقول مثل فاتنات في عرس، والبيوت مثل خراف متناثرة بين المزارع وعلى سفوح الجبال، وادعة وآمنة، بعكس بيوت الطين التي أشبعتها الأمطار غرقًا. لوهلة شعرتُ بأنني لا أنتمي لهذا المكان، فيما بدا كل شيء آخر مستمتع به، وكأنه خلق لهذا الفصل، ولهذا الموسم. الحمام ترع

الحنين وأشياء أخرى في رسالة

صورة
عزيزتي م. م. أحن لك كثيرًا هذه الأيام، لا أعرف لماذا ولكن هكذا يعمل الحنين، عشوائي وحاد للغاية، يقطع عميقًا بداخلنا حتى يصل إلى مناطق مؤلمة جدًا. ولسبب أجهله استمر بتذكر لحظة بعينها، بوضوح شديد وكأنها كانت البارحة، كنت أجلس في الساحة المكتظة بالطاولات والكراسي الخشبية أمام مبنى د الصغير، وكنت أحل واجب مادة الاستماع إن لم أكن مخطئة، وكنت منغمسة في الحل ثم شعرت بشعور غريب، حاجة ملحة لرفع نظري، وكنت تقفين أمامي متكئة على الكرسي المقابل تتأملينني وعلى وجهك ابتسامة دافئة، شعرت بالخجل والسعادة في ذات الوقت لأن شخصًا مثلك موجود في حياتي، شخص يمكن أن يقف بصمت لدقيقة يراقبني وأنا أقوم بشيء ممل جدًا مثل حل واجب. ولكن الواجبات هي ذاتها التي دفعتني بعيدًا عنكِ وعن البقية، بقدر ما كنت استمتع بقضاء الوقت معكم بقدر ما كنت أتضايق من سخريتكم المستمرة من حرصي على المذاكرة والواجبات وحضور المحاضرات حتى المملة منها بعد الواحدة ظهرًا، مع أنكم كنتم جميعًا متفوقات إلى حد ما، لكن الواجبات بدت لكم مستوى مختلف من الالتزام، وأنا لم أكن أبدًا طالبة مثالية لكني فقط أشعر بحس أكبر بالمسؤولية تجاه واجباتي الدراسية، و

اللحظات الأخيرة تحت الشمس

صورة
  *                                                        نحن الشراغيف الصغيرة نتيجة حتمية لغرائز الكبار الملحة، التي تدفعهم للنقيق طوال الليل والقفز لمسافات بعيدة، وهذه الغرائز تأتي بالكثير والكثير منا، مفترضة أن الكثرة تزيد فرص النجاة، لكن المطر لم يهطل اليوم أيضًا، ربما ما زال في استراحة قصيرة أقصى الجنوب، وربما لم يكن في أقصى الجنوب فنحن لم نعش كفاية لنسأله بعد أن يعود أين كان منا؟ ومع غيابه طوال الأيام الماضية عربدت الشمس في السماء كل ضحى، وشربت ما قدر لها أن تشرب من بِركنا الصغيرة. حاولت الغيوم العقيمة أن تحد من نهمها، فكانت تأتي متأخرًا كل نهار لتحجبها عنا، ولكن الضرر كان يزداد ولا ينقص، بعكس الماء، حتى استيقظنا اليوم محشورين في بركة صغيرة، بالكاد تجد فيها متسعًا لتحرك ذيلك، لقد كنا بقعة مكتظة من الرؤوس السوداء والذيول القصيرة. في بداية الحياة التي عرفناها كانت البركة باتساع العالم، وكان يمكن رؤية خنافس الماء تسبح هنا وهناك، وأحيانًا كان يمكننا أن نلمح أسماك فضية صغيرة، وأفواجًا من يرقات البعوض تتنفس من أنابيب خارجة من مؤخراتها الملتصقة بسطح الماء، وفوق الماء كانت تذهلنا اليع

العزاء في زمن الكورونا

صورة
قبل أربعة أسابيع تقريبًا كان يمكنني تلخيصه في "لا مساس" كما قال أبي وهو عائد من المقبرة، خائف وعيونه مغرورقة بالدموع، على حد وصف أختي. توفي جدي "علي" عم أمي (رحمه الله) في ذلك الوقت، أي في بداية فترة الحجر الصحي وحظر التجول تقريبًا، وكان أكثر شيء يشغل بالي كيف يمكن أن يدفن رجل فاضل مثله بهدوء، أين الأربعون أو المائة الذين سيشهدون له؟ كيف يمكن أن يورى التراب دون أن يحضر دفنه محبوه الكثر الذين كانوا يزورونه كل يوم؟ كان جدي علي إمام مسجد المِعيَن الصغير القريب من بيته، وكان أبي يكرر دائمًا بأنه لم ينقطع عن زيارة جدتي –أمه- في حياتها رحمهم الله جميعًا، وفي كل مرة نزوره كان يمسك بمصحف بين يديه ويبقي إصبعه على موضع الآية التي توقف عندها بسببنا، وبين الفينة والأخرى كان يلقي نظرة على إصبعه ليتأكد أنها لم تتزحزح، كان يختم القرآن كل ثلاثة أيام، وكان يدعوا الله حسن الخاتمة في كل لقاء به، وفي ليلة الأثنين توافه الله نائمًا في بيته على سريره. وفي العزاء بقيت الكفوف في الحجور، والوجوه قليلة جدًا ومألوفة جدًا، ومن فوق رأسي روت حفيدته قصة موته، وأبقيت الدموع في