حفلة وداع

Saatchi Art Moral Painting By Seba Art Gallery - Moral Painting


رأيته يحمل القمر والشمس في كفه، يقلبهما، يبرد الشمس بالقمر ويحرق القمر بالشمس. وحوله يرفرف ديك بقدمٍ واحدة، يقفز في دوائر، وذيله يشتعل نارًا، والشرر يتطاير في كل مكان، وهو يضحك ويبصق عليه. وخلفه النجوم مصطفات في صفوف متقابلة، يلعبون الخطوة الجنوبية، وقرود الرباح تطبل لهم على قدور الأرز الفارغة. كان رأسه يدور، مثل كرة أرضية، كان شماله يقطر وجنوبه يتبخر. وكانت عيناه بئران جافتان، عشعش الولع بين نطفها. كان يستقبل الضيوف على مقاعد من إبر، وكانت الإبر تجمع الدم في بطون الماعز، وترضع الحيات الحليب الأحمر، ثم تضع البيض العفن الذي يأكله الضيوف في موعد العشاء. كنا خمسين ألف، وكان خمسين خمسين ألف. كنا سود، وكان أزرق، مثل محيط. كنا مرضى، وكان قريبًا من الموت، وعَدَنا أنه سيموت، لكنه لم يكن صديق الموت المقرّب، ولم يكن الموت يحتاج واسطته. كانت المرايا تخدمنا، ولم تكن أشكالها تعجبنا، رغم أنها كانت طوال نحاف. ثم حضرت الجبال متأخرة، وانتثر صغارها في المكان، كسروا كل البيض، وحلبوا كل الماعز، واختبأت بينهم الحيات. ثم أعلن موعد موته، ونهضنا، ولم تتوقف النجوم عن اللعب، ولا القرود عن التطبيل، وكنا فرحين، ولكن عيوننا كانت تبكي كحلًا أسود. أكل الديك المشوي، وشكر الجبال لأنها لبت الدعوة، وترك الشمس والقمر لأولاده، ثم شرب نفسه حتى غرق. كنا فرحين، لكن الإبر جففتنا، والشوك نما على أطراف شفاهنا، ولم نستطع انتخاب غيره، ولم يترك لنا قطرة واحدة منه، ثم تقاتل أولاده على القمر والشمس، حتى لم يبقى منهما سوى الفحم، تكحلنا به وصرنا عميانًا، ثم انتهت الحفلة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحنين وأشياء أخرى في رسالة

عن بغلة القبور

الرابط العجيب بين نشر إيران للتشيع، وغسيل إسرائيل الوردي!