الأرض تشعر بالوحدة








أحياناً أتسأل هل تشعر الأرض بالوحدة, مع كل ذلك الضجيج بداخلها هل تريد أن تُسمِع أحدهم صوتها, هل تريد أن تصرخ ويرد على صراخها صوت من الفضاء, أن تبوح بكل تلك الأسرار المكبوتة بداخلها ... هل أرضنا وحيدة؟

هل أنتي وحيدة يا أرضنا المسكينة؟ أتريدين أن تتبعي ضوء الشمس وتحرقي به جانبك المظلم؟ أتريدين أن تمسكي بوجه القمر وتقبليه كما لو أنه آخر شيء تفعلينه, ثم تجدين من تخونينه معه؟

هل أنتي وحيدة يا عزيزتي الأرض؟ لا تجدين من يبادلك الحديث؟ من تغفين بجانبه وأنتي تتمتمين بأكثر أفكارك غرابة! هل تشعرين بالرغبة في السُكر, في الرقص بغضب, ثم النوم في زاوية مظلمة من هذا الفضاء؟ لا تفكرين بنا ولا بأجسادنا الضعيفة وحاجاتنا للضوء والحرارة, فقط أنتي ووحدتك القاتلة تحتضنان بعضاً في الظلمة, حيث تسكبين حزنك داخل الثقوب السوداء وتأملين أن تأخذه بعيداً عنك.

أنا أشعر بالأسى حيالك ... ولا أعلم هل سيشعرك بأنك أفضل حالاً أن أخبرك بأنني أحبك, وبأنني لا أريد أن أخطو خطوة واحدة بعيداً عنك, ولو فعلت فذلك لأنظر إليك من بعيد وأنتي ربما تغطين في النوم, مع كل تلك الأضواء التي زرعناها على وجنتيك, جبينك وأطراف فمك, أراهن بأنك ستكونين كملاك نائم, سأرغب وقتها في احتضانك وتقبيلك, سأرغب في النوم بجانبك طوال الليل ... هل تشعرين الآن بأنك أقل وحدة؟ أم أنني زدت الأمر سوءً؟

الآن أتسأل هل شعورنا بالوحدة على سطحك هو بسبب وحدتك؟ هل تختنق كلماتنا بداخلنا بسبب مشاعرك السيئة؟ هل نحن بهذا السوء لأنك لا تشعرين بالحب؟ لعلك سبب كل ما نمر به من الآلام والمشاعر السيئة؟ ربما من الأفضل لو اختفيتي عن الوجود؟ لو أرحتنا قليلاً منك ومن كل تلك الحروب على سطحك؟ أنتي تعرفين أن هذه الحروب تودي بحياة مئات ألاف من الأطفال كل سنة إن لم يكن أكثر؟ وتشرد الملاين؟ ربما أنا أقسو عليك؟ لكنني أحبك ...

هل ما زلتي تشعرين بالوحدة؟ هل سيريحك لو عرفتي أننا نشعر بالوحدة مثلك؟ نحن وأنتي في حالة مزرية, إننا مثيرون للشفقة بحق! ولا أظن أن بيدنا شيء لفعله, ليس وكأنك قد تجدين يوماً شخص يبادلك الحديث؟ فرصة حدوث ذلك لأي منا أكبر بكثير من فرصة حدوث ذلك لك, حتى أن فرصة وقوع أحدهم في حبي أكبر من فرصتك, يا للسخرية!

أعذريني لا أقصد أن أؤذي مشاعرك أو أن أحطم آمالك لكني فقط أتصرف بواقعية, ربما الحقيقة أنه لا يوجد مخرج لك من ألمك هذا, لعلك عالقة إلى النهاية, إلى أن نقضي نحن عليك بأيدينا الملطخة تماماً بدمائك منذ الآن. ربما عليك فقط الاستسلام وانتظارنا ننهي عليك ببطء أو ربما بسرعة فهذا يعتمد على مدى جشع الأجيال القادمة, نحن اليوم نتصرف وكأننا أكثر وعياً وحذراً لكني لا أعتقد بأننا حقاً كذلك, وربما هذا في صالحك, فكل ما كنا أكثر جشع ودموية كلما أسرعنا في خلاصك من وحدتك وعذابك, ألا يجعلك ذلك تحبيننا أكثر؟ أنا أعلم بأنني أحبك الآن أكثر.  


لعلي فتحت جراحك في هذا الوقت المتأخر, سامحيني! لا بأس عليك! أعلم أنك قضيتي وقتاً طويلاً في هذا الوجود, لعلك مرهقة الآن من هرائنا هذا كله والذي نستمر في عيشه كل يوم, لا بأس! يمكنك أن تنامي قليلاً الآن, أنتي تستحقين قسطا من الراحة, لقد استحقيته منذ وقت طويل, لا بأس! أغمضي عينيك الجميلة وارتاحي قليلاً, وتذكري ... أنا أحبك! 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحنين وأشياء أخرى في رسالة

عن بغلة القبور

الرابط العجيب بين نشر إيران للتشيع، وغسيل إسرائيل الوردي!