موسم المطر

بعد أن انهار بيت جدي الطيني البارحة لم استطع الخلود إلى النوم، تقلبت طوال الليل في السرير أستمع للرعود تدوي في الخارج، مثل سياط تبرح الغيوم جلدًا، حتى أمطرت، مطرًا خفيفًا متتابعًا، لم يتوقف إلا قبيل الفجر بقليل، بعد أن أعاد ملأ البرك التي ارتوت الأرض منها ولم تنفد، وغسلَ القرية التي لم تجف بعدُ منذ هطل هذا النهار. خرجتُ بعد الشروق أتفقد بيت الطين المنهار، واستقلبتني رائحة الأرض بعد المطر، لم يهطل المطر بهذا الغزارة من قبل، على الأقل في حياتي. لم يكن الجزء المنهار كبيرًا لكن الضرر قد وقع، ولا يمكن إزالته بدون المساس بجمال البيت وأصالته. وأما عالم القرية الصغير فقد تغير كثيرًا، لا شيء يشبه ما اعتدت عليه، كل شيء صار أخضر ومبتل. الحقول أصبحت مثل المستنقعات، معشوشبة ومليئة بالبرك، وفي عز خضرتها كانت الأشجار النامية بعشوائية على أطراف الحقول مثل فاتنات في عرس، والبيوت مثل خراف متناثرة بين المزارع وعلى سفوح الجبال، وادعة وآمنة، بعكس بيوت الطين التي أشبعتها الأمطار غرقًا. لوهلة شعرتُ بأنني لا أنتمي لهذا المكان، فيما بدا كل شيء آخر مستمتع به، وكأنه خلق لهذا الفصل، ولهذا الموسم. الحمام...