الراقد في البئر

كنا نقضي أيام الصيف غالبًا نلعب في مزارعنا القريبة. كانت تحوطها أشجار الفاكهة الكثة فلم يكن لأحد أن يخمن ماذا نفعل خلفها، لم نكن بالضرورة نمارس أفعال سيئة لكننا لم نكن نخاف كثيرًا على حيواتنا القصيرة. فكنا نمشي حفاة على الحواف الحجرية للآبار العميقة، ونتسلق أغصان الأشجار النحيلة والتي لم تكن متسامحة كثيرًا معنا، فكانت تسقط صبي كل بضعة مرات، وعلى الأرض كنا نتظاهر بأن الخدوش والكدمات من السقطة لا تعني شيء ولا تستدعي دموعًا. وفي موسم المطر كنا نخوض المستنقعات حتى الركب ونخفي رعبنا من ما يخفيه لنا ماءها الداكن. وعندما نجد حفرًا في الأرض كنا ننبشها حتى يتمكن منا الخوف من أن ينقض علينا شيء من داخلها، فنتوقف متظاهرين بالتعب. وبين حين وآخر نتنمر على بعضنا ونتعارك، وعندما نريد أن ننفس عن غضبنا كنا نرمي أعشاش العصافير بالحجارة، وكانت تسقط دامية أحينًا، فلم تكن كلها خالية. لم نكن نقصد أذيتها لمجرد أذيتها لكننا كنا نستعذب الشعور بالقوة والقدرة. وقد نعود للحظائر فنطارد فراخ الدجاج ونخرج صغار الأرانب من جحورها، ونحاول استحلاب الماعز. لكننا دائمًا نعود للمزارع بعيدًا عن مرأى الكبار، حيث...