ماذا فعلت خلال السنوات الأربع الماضية






مرحباً!

هل سبق لك وأن قرأت لي هنا في مدونتي؟ إن فعلت فعلى الأرجح بت تعرف أنني لا أكتب عن الفرح وأقواس المطر الملونة ولعل من أهم أسباب ذلك أنني غالباً تحت تأثير الكآبة. 

وللكآبة غالباً السطوة العليا فهي تجد طريقاً أو أكثر لإقناعي بأنني لست جيدة كفاية في أي مجال أطرقه وأنني على الأغلب أضيع وقتي حلما أبدأ بفعل شيء أحبه وتقنعني بعبثية كل شيء بما في ذلك حياتي وكل ممارساتي وببساطة تقزم كل إنجازاتي.

وفي سبيل الإنتفاض عليها سأحاول أن أسرد هنا ما أظن أنه يستحق أن يذكر ... فماذا فعلت خلال السنوات الأربع الماضية؟

أنهيت الجامعة بمعدل مرتفع في وقت قياسي بالنظر لأنني قضيت سنة كاملة منها في تخصص مختلف والذي تحب الكآبة أو ربما الشيطان أن يذكرني به ويسألني بجدية بالغة - لا تليق بالزمان الذي أنقضى منذ اتخذت القرار- " لماذا تركت ذلك التخصص؟" وغالباَ سيستضرف أحدهما ويسبني أو على الأقل سينعتني بالغبية.

بعد أن تخرجت تطوعت في مركز ركن الحوار للدعوة الإلكترونية وأنهيت دورة مكثفة للدعوة باللغة الإنجليزية ثم عملت معهم لثلاثة أشهر ولا أبالغ عندما أقول أن العمل في مجال الدعوة الإلكترونية كان صعب للغاية ومنهك للأعصاب فتوقفت حالما حصلت على القبول في برنامج الماجستير وللسنتين التالية درست الترجمة وترجمت كثيراً في مجالات مختلفة بعضها كان صعب للغاية مثل الترجمة الفورية بأنواعها وأخيراً أنهيت مشروع التخرج في أقل من ثلاثة أشهر وفيه ترجمت فتاوى من أصعب ما يكون وقرأت كثيراً في مجال الترجمة ورغم أنني أحب أن أترجم كثيراً إلا أنني أتلكأ في ممارستها فوضعت لي هدف بخصوصها لهذه السنة ومع ذلك فإنني أفكر بجدية أن أكمل دراسة الدكتوراة في تخصص مختلف لو قدر لي ذلك.

في نفس الشهر الذي استلمت فيه وثيقتي وقد تخرجت بمعدل مرتفع قُبلت معيدة في نفس الجامعة من بين الكثير من المتقدمات وعملت فيها لمدة سنة ضقت فيها ذرعا بنظام التعليم السيء ومجتمع الجامعة السطحي ولم أجد نفسي مستمتعة ولا راغبة في الإستمرار في التدريس أو الرغبة في الإنخراط لأعوام وأعوام في هذا المجال وفي هذا المجتمع وبعد أن أستشرت كثير وبحثت الموضوع مع كثير أدركت أن الاستمرار لا يخدم حقا أهدافي ورغم ما ذكرت سابقاً عن تكاسلي في ممارسة الترجمة إلا أنني أحبها وأخطط للعمل مترجمة أدبية حرة لكنني من جهة أخرى لم أجد نفسي في تدريسها ولا حتى في دراستها نظريا وعلميا فأنا مهتمة بالجنب العملي منها وحسب والعمل محاضر في الجامعة يفرض عليك أن تتوغل في الجانب البحثي وهو جانب لا أستهويه كثيراً ولأتأكد حضرت يوم البحث العلمي للترجمة في الجامعة وهالني مستوى الأوراق المقدمة من الأعضاء وتصادمها مع الواقع ومعرفتي بمقدميها وبعدهم عن تطبيقها فأي مصير ينتظرني وأي أوراق سأجد الوقت والرغبة في إنجازها. 

بالإضافة إلى الكآبة والشعور بالعبثية فإنني أيضا أنشد الكمال في كل ما أقوم به ومع ما رأيته ولمسته من كذب وحياد عن متطلبات التدريس إلى الشواغل التي لا تخدم عضو التدريس ولا تصب في مصلحة الطالب بالإضافة إلى ما روعني من رؤية عزوف الطالبات عن العلم وتكاسلهم الفضيع عن الدراسة وماوجدت من ضغوطات جعلتني أبعد ما أكون عن نفسي وشخصيتي الحقيقة وجدت أن الإستمرار في هذا المجال شيء لا يمكنني أن أستنزف فيه طاقتي وعمري فيما أعرف يقينا تهزه كثيراً كآبتي أنني أريد أن أقضي وقتي في الكتابة والكتابة والتي لم يترك لها العمل متسع بشغله الدائم لوقتي وفكري كل أيام الأسبوع.

وهكذا تركت هذه الوظيفة وعلى الأرجح أن الكثير الآن يعتقد أنني مجنونة .. مغفلة .. كسولة .. حمقاء .. ضعيفة .. مدللة ربما .. والكثير من الصفات السلبية لكنني حقاً لا أهتم بأراء الناس عندما يتعلق الأمر بقراراتي ففي النهاية لدي صراعات أهم من ذلك بكثير ولدي أهداف أصارع كل يوم لأقترب من تحقيقها فالكآبة ليست مقولات تخبرك بأن غدا أفضل أو بأنك أقوى وقادر على كل شيء .. إنها ماتراه في المرآة يخبرك بأنك ضعيف وهش وبأنك أقل من أن تنجز ما ينجزه غيرك في أي  يوم من الإسبوع .. إنها النسخة الأسوء منك طوال اليوم وكل ما وجدت راحة البال واقتربت كشرت لك عن أنيابها فلأي شيء أهتم بنظرة الناس لي فيما يعيش بداخلي وحش علي أن أقاتله كل يوم ولأي شيء علي أن أنهك نفسي بالدفاع عنها فيما علي أن ألعق جراحي بعد أن تصرعني شياطيني كل بضعة أيام.

بعد أن تركت وظيفتي بدأت صراعي الأوحش مع الكتابة فقبل كل ماذكرته من أسباب دفعتني لترك وظيفتي الآمنة فإن الكتابة تسبقهم جميعاً مع علمي بأنها لا تبتاع حقيبة من ماركة راقية رغم أنني لست مهتمة بها لكنني شاهدت أقراني في الوظيفة يقدسون هذه الحقائب ويسترخصون فيها المال ومن باب أولى فإنها لا تملئ بطن جوعى ولا تقدم راحة بال ولا رحاة ضمير فهي صراعات متتالية مع كل مسلماتك ولا تسمح لأحدهم بأن يخدعك ويخبرك بأن الكتابة هواية أو أنها شيء تمارسه في وقت فراغك .. إنها عمل مضني لا تنتظر فيه الإلهام فهو نسبة ضئيلة من عمل يتطلب الإلتزام والاستسلام لقسوته حتى تُفرج عليك فيُسمح لك بكتابة بضعة أسطر أو ربما صفحة إن كنت محظوظ ومع كل ذلك أنت لا تدري أتحن عليك دور النشر فتقبل نشر عملك بعد أن تستنزف مالك وحقوقك أو ربما تترفع عن الرد عليك؟ ولا تسأل مثل خبير فقد  تجاهلتني كثيراً كما إضطررت أنا لتجاهل عقد نشر سعيت جاهدة للحصول عليه لكمية الإجحاف فيه.

والآن أركز على إنهاء روايتي الأولى عسى أن يكتب لي ربي التوفيق فيها وإن شعرت بشيء من الفضول لتعرف أي شيء أصراع نفسي طوال اليوم لأكتب منه بضعة أسطر آخر الليل فخذها مني إنها لا تتحدث عن الفرح ولا عن أقواس المطر الملونة وغالباً ستنتهي منها وقد لا تخرج بفائدة ورغم أنني أعرف أن الأدب لم يسخر نفسه دائماً لتغيير طريقة تفكير الناس ولا لتعليهم المثل والأخلاق الحميدة إلا أنني أحياناً أتساءل أيجدر بأدبي أنا أن يفعل وقد دأبت على كتابة قصص قصيرة تحمل دائما توجهاتي فيما لا تحمل هذه الرواية سوى الخيال المحض والذي أستمتع كثيرا بنسجه فيها ولا أقول أنها لا تحمل درساً أو إثنين لكنك قد لا تلاحظهما فالروايات تختلف عن القصص القصيرة في هذا.
  
وإلى أن تمنحني أمي الإذن لإنفق ما تعبت في جمعه من المال على رحلة تطوعية قصيرة للمغرب حيث أريد التدريس في مدرسة للبنات اللاتي لولا أن منّ الله عليهن بهاكذا مدرسة لحرمتهن طبيعة بلادهن وحرص أبائهن من الدراسة سأحاول أن أدون ما يمكنني أن أعتبره إنجازات صغيرة مثل صنع محلول من قشور الحمضيات لمحاربة المن الذي تراكم على شجيرات الفلفل الحار التي زرعتها السنة الماضية وبت أملك الكثير من الفلفل الحار الذي توقفت عن حصاده. 

وربما سأبحث لي عن معالجة نفسية تعد لي وصفة وبضعة نصائح. 


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحنين وأشياء أخرى في رسالة

عن بغلة القبور

الرابط العجيب بين نشر إيران للتشيع، وغسيل إسرائيل الوردي!