لست في أي مكان

تشعرين وكأنكِ في كل مكان, ربما كأصباغ خلفتها معركة بالبالون ..

لكنكِ لستِ في أي مكان ..

أشعرُ وكأن عقلي فقد عقله وبدأ يقلد شعري في يوم عاصف, ينتثر في كل مكان لا يرضيه اتجاه ولا توقفه يدي اليائسة ... يريد أن يخطط لحياتي ... يريد مني أن أتحمل المسؤولية ... أنا أتحمل المسؤولية!

أبقاني مستيقظة ليال طويلة ... أخبرني بالخطة ... أجبرني على البحث عن وظيفة كل يوم ... أخبرته أنني ما زلت أدرس وأنني بذلت جهدي لأكمل دراستي, لكنه سألني: ماذا بعد أن تنهي الماجستير؟

أراني مقال يشكو فيه مترجمون سعوديون من الفرص النحيلة التي تهبها الرياح نادراً عليهم, أشار بأصبعه لتاريخ نشر المقالة "2014" ثم أنفجر في وجهي:

هل تعتقدين أن الوضع تحسن في أقل من سنة؟ لماذا أصلاً أكملت دراستك؟ لماذا اخترت أن تتقدمي لبرنامج الترجمة؟ قلتي لي تحبين الترجمة, وامتدحتك معلمتك كثيراً, إذا لما لا أراك تترجمين أي شيء عدا عن واجباتك؟ لماذا تستلقين طوال اليوم تقرئين الويب تون والمانقا الملونة؟ أنتِ تحسدين الكتاب على أفكارهم الفريدة, لكنك تعجزين عن كتابة أفكارك التي ترهقني طوال اليوم؟ أنتِ حتى توقفتي عن السعي لنشر كتاباتك؟ هل فقدتك إيمانك بها, أم أنك فقدت الكثير من الطاقة وأنتي تحاولين؟ منيرة أنتي لا تبذلين أي جهد! أنتي مرهقة ومبعثرة, الإجازة الصيفية انتهت ولم تنجزي الكثير خلالها, قلتي أنك ستقرئين أكثر في مجال الترجمة وأنك ستستعدين لمشروع التخرج لكنك لا تقومين بأي عمل سوى قراءة الويب تون, منذ متى بدأت تحبينها, أنا لم أعد أعرفك حتى .. أنتِ منفتحة على تجربة أي شيء ويمكنك بسهولة أن تغرقي في هذا الشيء, لكنك لا تنجزين شيء .. أعلم أعلم ... قررتي أن تخرجي ويب تون خاصة بك وفعلتي, كتبتِ القصة ورسمتها, أحببتها بالمناسبة لكن ماذا بعد؟ لقد قلتي أنك ستتعلمين كتابة الـ "Slam Poetry" وأنك مهتمة بالـ "Spoken Word"  وأعلم أنك بدأت مؤخراً في المحاولة لكن كان يفترض بك الآن أن تكوني قد تعلمته فعلياً؟ ماذا عن اللغة الأسبانية؟ كم مرة ستفشلين في تعلمها؟ أعلم أنك حاولتي الانتظام في دورة اللغة الأسبانية التي نظمتها الجامعة على آخر الفصل الدراسي الماضي وفشلتي في الحصول على الشهادة لكن كان عليك الآن أن تكوني على الأقل قد أنهيت الإطلاع على وحداتها ... المشكلة أنك كسولة وتفقدين تركيزك كثيراً, آخر مرة قلتي لي أنك ستركزين على الترجمة والكتابة, ومضت أشهر الإجازة الثلاثة وأنتي لم تجزي أي ترجمة ولم تأخذي الكتابة بشكل جدي ... الكتابة يا منيرة ... تلك التي تحبينها أكثر من أي شيء ... أنتِ ... أنتِ كسولة

ماذا عساي أقول؟ أريد أن أكتب أكثر وأن أدون أكثر ربما أسبوعياً, أن أكتب عن مخاوفي ذكرياتي أحلامي وعن نفسي ربما أتعرف على نفسي أكثر, أريد أن أكتب عن ما أريد إنجازه وما أنجزته فعلاً , لكنني فقط ربما كسولة ربما لا أعرف ... أنا أضع الخطط طوال الوقت ولا ألتزم بها أبداً ... شاهدت مقطع على اليوتيوب مع أختي @m3aley_M أحتوى الفيديو على نصائح مذهلة للحصول على علامات مرتفعة في الجامعة, كان الفيديو مفيداً حقاً غير أن العلامات ليست مشكلة بالنسبة لي _ الحمد لله _ ما أحتجت له فعلاً وما أعتقد أنني لن أقوى على مشاهدته خوفاً من الفشل في تطبيقه هو فيديو عن تنظيم الوقت, وعن ترتيب الأولويات, استعادة التركيز والمحافظة عليه, والتخلص من إدمان أي شيء, وأنا جادة حول هذا الأمر, لقد تخلصت من الإنستقرام, الفيس بوك, التويتر, إتسي, بينترست, وحتى اليوتيوب تخلصت منه لفترة قبل أن أعود له الآن وبقوة, أنا الآن لا أجرأ على استكشاف أي منصة جديدة لا أجرأ على تثبيت أي تطبيق مثير جديد حتى لا أجدني مدمنة عليه, يكفي أنني الآن مدمنة على Line Webtoon  أنا أقرأ ويبتون لم أتوقع في حياتي كلها أن تشدني قصتها أو حتى طريقة الرسم, والآن كل ما أريده هو أكمال حياكة قبعة الصوف التي بدأتها للتو وصنع المزيد من فواصل الكتب وقراءة المزيد من الويبتون, ولا أدري أين تقع الترجمة أو حتى الكتابة ضمن جدولي هذا, والمشكلة أن الدراسة أوشكت على الانقضاض علي .. أنا لم أفشل في الاستعداد لهذه السنة الدراسية وحسب بل وبدأت أشك جدياً في قدراتي وقراراتي, بدأت ألوم نفسي على الإكمال في هذا التخصص لا سيما وفرص العمل ضئيلة بالنسبة لفتاة مثلي, ليس لدي خبرة ولا قدرة على خلق فرص أو مطاردتها, أعتقد أنني يمكنني فعل ذلك عندما يتعلق الأمر بالكتابة لكن الترجمة أمر مختلف.

ربما الخلاصة أنني وعلى عكس السنة الهجرية قبل الماضية والماضية والتي استقبلتها بيدين مفتوحة وتلقيت فيها فرص جميلة عززت من ثقتي بنفسي وأسعدتني إلا أنني على وشك أن أختم هذه السنة وأنا في أسوء حال من التسويف الخوف والإرهاق العقلي, على أمل أن أتمكن من استقبال العام القادم وأن في أتم التركيز على هدف واحد فقط: أن أستفيد بقدر ما أستطيع من هذا العام الدراسي, أن أحصل على درجات مرتفعة وأن _ وكم أريد هذا _ أن استمتع بالدراسة, من يدري ربما سأستقبل العام الجديد بخبر سعيد أو أن أنهي العام دراسي هذا وأبدأ رحلة من نوع خاص.

فقط أدعو لي J