أنا وثمانون عاماً في انتظار الموت وثالثنا سجين المرايا...

في الفترة الماضية قرأت روايتان تعتبران باكورة روايات المؤلفين سعود السنعوسي وعبد المجيد الفياض, بدأت بثمانون عاما في انتظار الموت ثم توقفت طويلاً قبل أن أقرر أنه حان الوقت لأتعرف على سجين المرايا وأنا التي وقعت في غرام ساق البامبو, وبعدها عدت لأنهي الرواية الأولى ولعل السبب الرئيسي في عودتي أنها هدية من أختي العزيزة دلال.

سأحاول أن أركز على النقاط التي أعجبتني في الروايتين وللعلم فقط كلتاهما لم تنالا استحساني, ولكني شعرت برغبة في الكتابة عنهما, ولأنني أخطو نحو الاعتراف بي ككاتبة فسأحاول دائماً أن أتجنب الحديث بشكل سلبي عن الكتب التي قرأتها, لا أريد أن ينتهي بي المطاف أقرأ مراجعات وتقييمات سلبية لكتاباتي, لذلك سأبدأ بنفسي J







سأبدأ بسجين المرايا, الرواية عالم مثالي للاقتباسات, يمكنك بسهولة أن تجد الكثير والكثير من الحكم والجمل المنمقة والمشاعر المصاغة بشكل أنيق ومبهر, إنها محطة جيدة لمحبي الاقتباسات العاطفية. ساق البامبو أيضاً احتوت على اقتباسات جميلة لسعود السنعوسي, أعتقد أنه قادر بشكل لطيف أن يصوغ ما يدور بذهنه بطريقة جمالية, في سجين المرايا أتخم العمل بهذه العبارات المنمقة والمشاعر المرتبة, لكنه جعلها أكثر نضجاً ومنطقية في عمله الأخير, لا يمكنك بعد قراءة الروايتنا إلا أن تلاحظ نضوج المؤلف وارتقاء أسلوبه كثيراً.

أحب كثيراً أن أقرأ رواية أو أشاهد فيلما من وجهة نظر البطل, وسجين المرايا كانت كلها كذلك, نجح المؤلف في رأيي في إيصال صوت البطل بهذا الأسلوب, وفي جعلنا نعرف تماما كيف يفكر ويشعر بل ونتنبأ بردات فعله.  أشعر بأنها كنت فرصة أتيحت لي للتعرف على شخص جديد وتقيمه, ومهما كانت وجهة نظري فيه قاسية, وتقييمي له منخفض فإنه لن يعلم أبداً ولن يكتشف, وفي نهاية اليوم لست محتاجة للتهرب منه إثر صدمتي في شخصيته لأنه بطريقة ما سجين لمرايا معلقة بين دفتي كتاب.

بعد التفكير لا أظن أن لدي المزيد لأقوله عن هذه الرواية, سأنتقل ببساطة إلى ثمانون عاما في انتظار الموت.





أن تعيش شبابك بالطول والعرض فكرة مغرية كثيراً, لكن الكاتب نجح من وجهة نظري في جعلي أعيد التفكير, بطريقة ما أرانا الجانب الآخر لأن تعلق في شبابك ولأن يتشبث وجهك الغض بك طويلاً, إنه جانب لم أحببه ولا أنكر أنه واقعي. أعجبني كثيراً كيف تمكن الروائي من جمع هذا العدد الكبير من الأحداث والتطورات في روايته الأولى بلا خوف, بالنسبة لي دائماً أنحاز في كتاباتي للقصص القصيرة, تشعرني بالأمان وبأنني المسيطرة فلا يمكن للشخصيات ولا للأحداث أن تخرج عن سيطرتي في صفحة أو ثلاث, لكن عبد المجيد الفياض وبجرأة تمكن من أن يعصر مخيلته ويستجمع خياله ويحشد هذا الكم من الأحداث في أكثر من خمسمائة صفحة.

أحب أن أنوه مجدداً بأنني لم أحبب الرواية ونهايته رغم أنني كرهتها إلا أنها أحزنتني كثيراً, وامتصت مني الأمل والإيجابية, بشكل عام الرواية كانت عبارة عن منحدرات ومنحدرات من الإحباط والخذلان على الأقل للبطل, أعلم بأنني قلت أنني سأركز على الإيجابيات, لكن أزعجني أن المؤلف لم يقنعني حقا بأن البطل شيخ كبير, فهو أرعن متسرع وتفكيره بطريقة ما سطحي ويفتقر للحكمة, كما أن أسلوب حياته أيضا لا يوحي لك بأنه رجل في العقد السابع من عمره بل أقرب للعقد الرابع.

الكاتب كما يبدو لي قام بالكثير من الأبحاث والقراءات, اتضح لي هذا من نقاشات البطل مع زوجته وأحياناً مع صديقه, أعتقد أنه أمر جدير بالتقدير أن يصب الشخص ما احتواه من خبره وقراءة في أعماله الفنية, وأن يشارك الآخرين اهتماماته باستخدام فنه شيء جميل, ولا أجمل من أن تقدم أفكارك للعالم على شكل قصة.


مجدداً لم يعد لدي ما أضيفه, أتمنى أن أكون بطريقة ما شجعت أحداً على قراءة هذين الكتابين, مع أنني لم أحببهما كثيرا J  



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحنين وأشياء أخرى في رسالة

عن بغلة القبور

الرابط العجيب بين نشر إيران للتشيع، وغسيل إسرائيل الوردي!