مختلفون متشابهون






منذ أن أصبحنا نعيش قي قرية واحدة وأصبحنا كلنا متشابهون, وأينما نظرت أجدنا نحاول جاهدين أن نصبح مختلفين, أن نصبح أنفسنا باختلافنا عن البقية. ومهما حاولنا فإننا نبقى متشابهين وأبعد ما يكون عن أنفسنا, نسخ عن كائنات أخرى, لعلها الآن تحاول أن تكون مختلفة في طرف القرية الآخر. لقد أصبح الاختلاف معتاد, والآن نحن كومة بشرية متشابهة بوجوه كثيرة وملامح مختلفة. 


نعم أنا يائسة! فالاختلاف في هذه القرية أصبح هدفا يوحدنا جميعا, يحولنا شيئا فشيئا لأشباه مستنسخين. نجدف بيأس للهرب من هذا التطبع اللذي يجتاحنا, نريد أن نصل ليابسة ليس فيها سوانا, لكننا نجد الأرض مسكونة بالملايين والملايين, وكالملح نذوب في هذه الأمواج البشرية. نحاول أن نثور على ملوحة هذا العالم فنتسلق أكتاف بعضنا البعض, ونصعد على رؤوس أشباهنا _الأقل إثارة منا _ نحاول الوصول لمكان يخصنا, يعرفنا فيه الجميع, وتميزنا فيه الأنظار عن تلك الجموع البائسة. لكن هذه الجموع البائسة لا تكف عن ملاحقتنا, ونحن لا نكف عن ملاحقتها, متشابهون, بطريقة أو بأخرى جميعنا متشابهون.


لا أدري أألوم الزمان الذي وصل بنا لهكذا محطة, أم ألوم ذكاء جنسنا اللذي قربنا بطريقة ما كان أسلفنا يحلمون بها, قربنا حتى صرنا نسخ من بعضنا, حتى ؤلائك اللذين يبدون لنا مختلفون عنا, ما هم إلا صور عن غيرهم, ونحن نعرف ذلك لكننا نتجاهل.


كل ما أعرفه أنني أنا نفسي أريد أنا أصبح مختلفة, لكني أريد أن يمتلك اختلافي صوتا يتحدث عني, ولا يقول غير الحق, صوتا واضحا يخبر الجميع من أنا, فلا يبقى مجال للتأويل ولا للأعذار.


إليكم أيها المختلفون عني المتشابهون, تباً لعالمنا الصغير ولاختلافنا المتعثر, مع التحية ..


*ملاحظة: أنا رسمت الفتاة في الصورة :) 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحنين وأشياء أخرى في رسالة

عن بغلة القبور

الرابط العجيب بين نشر إيران للتشيع، وغسيل إسرائيل الوردي!