ينفروننا من الدين

كثيرا ما أسمع شباب يلعنون ويسبون الـ  .. كيف أقولها !؟ حسنا يسبون المطاوعة ويدعون أنهم نفروهم من الدين ... وخصوصا عندما يقرؤون فتوى متشددة أو يرون موقف متطرف أو تصرف متسرع يدل على قلة الحكمة وضيق الأفق ... وكرد فعل قاصر على كل ذلك يلعن بعض الشباب أولئك اللذين التزموا بجوانب من الدين لم يتمكن أغلب العامة من الالتزام بها وهكذا ارتبطت في أذهان العامة هذه الجوانب كلبس الثوب القصير وإطلاق اللحية مع المشايخ والمفتين وأصبح كل من يلتزم بها يطلق عليه لقب مطوع ويعتقد أنه عالم أو شيخ يمثل قطعا بشكل أو بآخر الدين الصحيح لالتزامه بأمر أو أثنين من أموره ... ومع لعنهم يأتي إدعاء الشباب بأن هؤلاء المطاوعة نفروهم من الدين ... ومع شبكات التواصل مثل التويتر برزت أسمائهم مسبوقة بلقب شيخ ولا ننكر أن كثيرا منهم على درجة من العلم ولكن أيضا كثيرا منهم يفتقر إلى الحكمة .. وحظي التويتر بشرف قيادتهم للشهرة كما حظي بفرصة توثيق هفواتهم وعكس أنماط تفكيرهم على كل من يشبههم ـ وإن كان يخالف تعاليمهم ـ وساهم في ترسيخ الفكرة النمطية عنهم ... ومع توسع منصتهم وتكرر أخطائهم مع ما نالوه من شهرة  صارت جملة ( كم أكره المطاوعة .. نفروني من الدين ) مبررة ...
اليوم ولدت بداخلنا رغبة ملحة في تتبع عثرات من تنصبوا مراكز منيعة رغم عنا في أذهاننا دهورا طويلة وكأننا نريد أن ننقلب على حالنا اليوم ولكننا نعجز كيف فنبدأ بهدم الأساسات اللتي نعتقد أنها فاسدة وفي طريقنا نهدم تلك الصالحة ...كما أبتلينا بالكسل وفتور الهمة فصرنا مع ذلك نكتفي بمراقبة من يبرز لنا ويظهر بمظهر العلماء أو المشايخ ( أحد اللذين نصبوا مع الزمن من قبل أسلافنا في مناصب عالية ومنيعة في أذهاننا وثقافتنا ) وعندما يتصرف هذا الشخص كما نتصرف في غالب أحوالنا بجهل وتسرع نحكم على العلماء كافة وعلى الدين بأسوأ الأحكام ... ولأننا نعجز عن قراءة القرآن والتدبر فيه وعن قراءة السنة والإقتداء بها  ونعجز عن البحث عن الحكم الصحيح والعلة ورائه وعن القراءة للسلف والعلماء الأكابر وعن طلب العلم ولو النزر اليسير منه نكتفي بالهتاف بقوة: تبا (للمطاوعة) نفرونا من الدين ... بل وصرنا نتحاشى أن نلتزم بما عرف عنهم الالتزام به حتى لا نلعن نحن بدورنا وإن كنا على درجة كبيرة من الجهل ...
والحق أن علينا أن نتذكر أن لا نحكم على الدين مستندين على أفعال أتباعه بل أن نحكم على أتباعه مستندين على أحكامه .. وهكذا نتوقف عن لعن العلماء وأشباههم ونتحمل مسؤولية أنفسنا ونستخدم عقولنا ونبحث عن الحقيقة ..ونتوقف عن الهرب من حقيقة أننا ضعاف لا نصمد في وجه رغباتنا ولا نقدر على الخضوع لتعاليم ديننا فنلقي اللوم على عاتق بشرـ مثلنا يصيبون ويخطئون ـ جعلهم علمهم وربما مظاهرهم في طريقنا فألقينا عليهم اللوم وادعينا أنهم سبب نفورنا ... وهنا يكون لزما علينا أن نتخذ خطوة لنوسع آفاقنا ونستزيد من العلم حتى إذا ما حكمنا نحكم بعدل وحكمة. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحنين وأشياء أخرى في رسالة

عن بغلة القبور

الرابط العجيب بين نشر إيران للتشيع، وغسيل إسرائيل الوردي!