ذكرياتي وفراخ الدجاج (1)


قبل عدة أيام دفنت أنا وأختي الصغيرة فرخ دجاج صغير كان أبي قد أحضره في اليوم السابق لوفاته وهو لا يزال في بيضته يصارع قشورها العنيدة ... ولأن أبي رجل فضولي يحب الحيوانات كثيرا لم يتوانى عن محاولة مساعدته وهكذا أحضره للمنزل بحجة أنه عجز عن أخراج نفسه من داخل بيضته ...

أنتزع أبي قشور البيضة وحرر الصغير ليلقى مصرعه فاليوم التالي ...

كان مبتلا وضعيفا قبل أن نذهب للسوق ونعود وقد جف ريشه الجميل وأصبح منظره لطيفا لكنه كان صغيراً جدا ولم يتمكنوا من إطعامه فمنقاره كان يبدو مكسورا كما أن قدمه تبدو غريبة وكانت تعيقه عن الحركة ... لعل حالته تعود لكون والدي هو من أخرجه من البيضة وليس هو ...

 في صباح اليوم التالي ألقيت عليه نظرة وكان في حالة يرثى لها وتمنيت حقاً لو أن أبي تركه يواجه قدره عند والدته أو لو كانت عندي الشجاعة الكافية لأنهي معاناته وأحمي أختي الصغيرة من آلم مشاهدته يحتضر كما فعلت الممثلة Kyra Sedgwick في فيلمهاloverboy  عندما حطمت الطائر الجريح بالصخرة وقتلته لكي لا يعاني صغيرها من رؤيته وهو يموت ...

لم أمتلك الشجاعة لقتله ولا الشجاعة لمشاهدته يموت لكني امتلكت البعض منها لدفنها بعد أن توفي وأختي الصغيرة خارج المنزل ...

بعد أن عادت من الخارج وأدركت أنه مات بكت عليه كثيرا ولعلها أراحتها فكرة دفنه لأنها تبدو مغامرة بنسبة لها حتى أنني أنا من بكى عندما دفناه تحت الشجرة في حديقتنا بينما هي أخذت تراقبني وتسألني :

ـ هل أنتي حزينة ؟ هل أحزنك موت الفرخ ؟

الحقيقة أنه أحزنني جدا كيف أنه في بضعة ساعات تصلب جسده الصغير وكيف أننا اضطررنا لإخراج القط من الحديقة حتى لا يلتهمه وأخيرا حفرت قبره الصغير بنفسي عميقا وأنا أسألها عن إذا ما كان عمق الحفرة كافيا وكل ما تفكر فيه هو كم الجو باردا وكم سأستغرق قبل أن أنتهي وندخل المنزل ...

حملت الفرخ الصغير وقد تصلب ووضعته داخل الحفرة ... فكرت أن أصنع له لحدا لكني لا أعرف كيف ... وعندما هممت بوضع التراب عليه صعب علي الأمر ... كم هو مؤلم أن نضع التراب على جسداً كان حي يتنفس الهواء والآن بات هامدا ... اعترضت أختي قليلا لأنني لم أغطه بقماش والحشرات ستأكله ... لم أتمالك نفسي وأخبرتها أننا جميعا ستؤكلنا الحشرات بعد موتنا ...

ساعدتني في دفنه ثم غرزت غصناً على قبره لعله يذكرنا به ...



 ,,, يتبع ,,,



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحنين وأشياء أخرى في رسالة

عن بغلة القبور

الرابط العجيب بين نشر إيران للتشيع، وغسيل إسرائيل الوردي!